الأخبار

الربط التلفزيوني يجنب الأطفال من ضحايا الانتهاكات الجنسية اجراءات التحقيق الاعتيادي

10-09-2023

بدأت إدارة حماية الأسرة والأحداث باتباع تقنية جديدة قوامها تجنيب ضحايا "الاعتداء على العرض" والاعتداءات الجنسية، من الأطفال، المرور بإجراءات التحقيق المعتادة، لإشعارهم بالأمان والراحة، وإبعادهم عما يمكن أن يلحق بهم من أذى نفسي، والتأكد من جاهزيتهم للإدلاء بإفاداتهم وشهاداتهم، بعد إجراء التقويم اللازم لهم من قبل المختصين.

 

وكشفت الإدارة عن تطبيق تقنية الربط التلفزيوني المغلق CCTV على 18 قضية تعاملت معها وتم إيداعها إلى القضاء، منذ أواخر العام الماضي 2022، وشملت إجراء مقابلات مع 11 ضحية من الإناث، و7 من الذكور من المجني عليهم في تلك القضايا من الأحداث، وذلك في مرحلة التحقيق لدى المدعي العام في جرائم الاعتداء "على العرض". 


وعملت الإدارة منذ تفعيل تقنية الربط التلفزيوني في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، على توفير بيئة آمنة للأطفال ضحايا الاعتداء على العرض والاعتداءات الجنسية من خلال هذه التقنية من الضحايا والشهود، مع السعي الموصول للتوسع في تطبيقها بما يحقق أقصى مصلحة فضلى للأطفال، وذلك من خلال "شمول باقي أقسام إدارة حماية الأسرة الميدانية بهذه التقنية ليتم ربطها مع المحاكم ودوائر الادعاء العام ذات الاختصاص" في المرحلة المقبلة، بحسب تصريحات خاصة لـ"الغد". 


وشكّل إدخال هذه التقنية قفزة نوعية في تفعيل النصوص والتدابير الخاصة بحماية "الضحايا" من الأطفال وتعزيز منظومة عدالة الأحداث في قضايا الاعتداءات الجنسية، عملا بتعديلات قانون أصول المحاكمات الجزائية لسنة 2017، الذي نصت المادة 158 منه، على استخدام هذه التقنية "وجوبيا" لإفادات الضحايا من المجني عليهم في قضايا "الاعتداء على العرض"، وتشمل من لم يكملوا الثامنة عشرة من العمر عند الإدلاء بأقوالهم وكذلك الاستماع إلى إفادات الشهود من الأطفال باستخدام هذه التقنية. 


وفي هذا الصدد، بيّنت الإدارة بأن عدد القضايا التي تم التعامل معها من قبل إدارة "حماية الأسرة والأحداث" منذ بدء تفعيل تقنية الربط التلفزيوني بتاريخ 21/ 11 / 2022، والتي تم توديعها إلى القضاء (18) قضية، فيما كان عدد المجني عليهم في تلك القضايا الذين تمت مقابلتهم عبر هذه التقنية، (7) ذكور و(11) من الإناث.


وفيما تشمل هذه التقنية، جرائم الاعتداءات الجنسية التي تدخل في اختصاص محكمة الجنايات الكبرى،  فقد "خفف" استخدامها بحسب الإدارة، "من المعاناة والصدمة النفسية للطفل المجني عليه في هذه القضايا، من خلال عدم مقابلته للجاني في مراحل التحقيق الأوليّ لدى المدعي العام، وتعزيز شعوره بالأمان والراحة وبما يحقق السرية والخصوصية، وتجنيبه الإجراءات الروتينية في مراحل التحقيق والتي من الممكن أن تعرضه للخوف والإحراج". 


ومما حققته هذه التقنية أيضا، وفقا لإدارة حماية الأسرة والأحداث، "الحد من تكرار الطفل لسرد واقعة الاعتداء التي وقعت عليه، وإبعاده عن الاختلاط مع مراجعي المحاكم وذوي الأسبقيات المتواجدين في مكاتب ومرافق تلك المحاكم". 


وفي السياق ذاته، بيّنت إدارة حماية الأسرة والأحداث حول آلية تطبيق التقنية على أرض الواقع، بأنه "تم تخصيص غرفة منفصلة داخل قسم حماية الأسرة والأحداث في جنوب ووسط عمّان، لمقابلة الأطفال الضحايا عبر تقنية الربط التلفزيوني، مجهزة بالوسائل التقنية اللازمة لذلك".


ويتم بناء على التقييم الاجتماعي والنفسي "للطفل" المجني عليه، التوصية بجاهزيته  للإدلاء بأقواله، والتنسيق مع قاضي المحكمة أو المدعي العام بخصوص الحالة بتزويده بكافة المعلومات وعوامل الخطورة، وإبداء الرأي في مدى قدرة الطفل المجني عليه أو الشاهد على الإدلاء بالشهادة، وتهيئة الظروف المناسبة لذلك، لضمان "دقة الأقوال أو الشهادة". 


ويعتبر الأردن من الدول السباقة في المنطقة في تطبيق هذه التقنية، حيث أوردت الحكومة في مناقشتها للتقرير الدوري السادس حول حالة حقوق الطفل في المملكة، أمام لجنة حقوق الطفل في الأمم المتحدة، في شباط (فبراير) 2023، البدء بتفعيل هذه التقنية لضمان إدلاء الأطفال بأقوالهم بحرية تامة ودون التعرض لأي "ضغوط أو عواقب."


ومن المتوقع أيضا، أن يدرج تفعيل هذه التقنية، ضمن التقرير الوطني لحالة حقوق الإنسان الذي كان من المقرر تسليمه أمس الاثنين إلى البعثة الأردنية في جنيف، لإرساله إلى مجلس حقوق الإنسان، لمناقشته في شهر كانون الثاني (يناير) 2024، في إطار الاستعراض الدوري الرابع الشامل لحقوق الإنسان للأردن.


وجرى مطلع العام 2018، توقيع اتفاقية بين المجلس الوطني لشؤون الأسرة والمجلس القضائي الأردني ووزارة العدل ومديرية الأمن العام، وبدعم من منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لتفعيل واستخدام هذه التقنية. 


ومن هنا، قالت مديرة التطوير التشريعي في المجلس الوطني لشؤون الأسرة، الباحثة نائلة الصرايرة، إنّ توظيف هذه التقنية جاء بهدف سماع إفادة الشهود والأطفال ضحايا العنف والتعامل معهم في أجواء ملائمة بعيدة عن المؤثرات النفسية السلبية، وتوفير خدمات الدعم الاجتماعي والنفسي التي يحتاجها الطفل؛ بما يُحقق المصلحة الفضلى له وبما يُعزز منظومة الحماية من العنف.


وأشارت الصرايرة في تصريحات لـ"الغد"، إلى أن "الوطني لشؤون الأسرة" أجرى العام الماضي، وبالتعاون مع الجهات سابقة الذكر، تجربة للمحاكمة والتحقيق عن بُعد باستخدام ذات التقنية داخل محكمة الجنايات الكبرى ودائرة الادعاء العام وإدارة حماية الأسرة والأحداث؛ حيث جاء تطبيقها إثر انتهاء المجلس بالتعاون مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين من إعداد دليل تدريبي حول استخدام التقنية الحديثة في إجراءات المحاكمة والملاحقة. 


ولفتت إلى أن هذا الدليل، أعدّ "لغايات تفعيل التقنية، والمساهمة في بناء القدرات المؤسسية والفردية للعاملين فيها، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين كافة الجهات ذات العلاقة في تطبيق التقنيات الحديثة، وبيان الأدوار المنوطة بكل جهة، لما تضمنه الدليل، من "توضيح" للإطار المفاهيمي لاستخدام التقنية في إجراءات المحاكمة والملاحقة والتقاضي، وبيان الإطار القانوني الناظم لاستخدامها ومتطلبات تطبيقه، إضافة إلى بيان الحالات التي يجوز فيها استخدام التقنية والعقبات التي تعترض التطبيق الأمثل لها. 


كما أوضحت الصرايرة، أن هذه التقنية تعكس التطور الإيجابي في وسائل تقديم خدمات الحماية والرعاية للطفل، بما يعكس أيضاً التعاون والتنسيق بين العاملين من المؤسسات المعنية بهذا الجانب، ويتوافق مع ما نصت عليه المادة(158) من قانون أصول المحاكمات الجزائية، والمادة 22/ط من قانون الأحداث النافذ لسنة 2014، بالإضافة إلى المادة 12 من قانون الحماية من العنف الأسري لسنة 2017، والمادة (13) من قانون منع الاتجار بالبشر لسنة 2009. 


من جهتها، قالت القاضية السابقة في قضايا الأحداث، فداء الحمود، إن لإدخال التقنيات الحديثة عموما في الاستماع للضحايا في قضايا الاعتداء على العرض وجوبيا، "أهمية قصوى" لاعتبارات عدة من أبرزها، "حساسية هذا النوع من القضايا"، واحتمالات تناقض شهادة المجني عليهم في مختلف مراحل الدعاوى "بسبب الحالة النفسية" للضحايا، خاصة أن الشك يفسّر لمصلحة المتهم في القضايا الجزائية. 


وفيما يخص الأطفال، قالت الحمود لـ"الغد" إن تفعيل تقنية الربط التلفزيوني سندا لقانون أصول المحاكمات الجزائية وتعديلاته والتشريعات المساندة، وتوثيق الشهادات حيث يكون أحيانا "المجني عليه" هو الشاهد أيضا، يحد من مفاقمة الوضع النفسي للضحية ليتجنب إعادة سرد "الواقعة"، كما يجنب الضحية "الوقوع في شهادة الزور" التي قد تتم ملاحقته بسببها لاحقا وتبرئة الجاني. 


وأضافت الحمود، رئيسة ديوان التشريع والرأي سابقا: "في قضايا الاعتداءات الجنسية على وجه الخصوص، غالبا ترتكب الجريمة في أماكن بعيدة عن الأعين، يتواجد فيها الجاني والمجني عليه فقط، ويصبح المجني عليه هو المشتكي والضحية والشاهد، هذا النوع من الاعتداءات يتعرض أصحابها للأذى النفسي الجسيم والنسيان والتشويش، وتوثيق الأقوال بهذه التقنية يجنب الطفل تناقض الأقوال، ويحميه من تعرضه للملاحقة من الجاني بتهمة شهادة الزور، كما يحول دون إفلات الجناة من العقاب." 


كما بينت الحمود، أن هذه الأقوال التي تعتبر "بينة مقبولة"، تمكّن المدعين العامين والقضاة، من الاستماع للشهادات المسجلة وتقدير قيمتها، خلال كل مراحل الدعوى.