الأخبار

الحضانات المنزلية.. خدمة ضرورية تحتاج رقابة قانونية

02-02-2022

عمان – بين غياب تفعيل المادة 72 من قانون العمل، الخاصة بإيجاد حضانة في مكان العمل وارتفاع كلف دور الحضانات التجاربة، يجبر أهال عاملون على وضع أطفالهم في حضانات منزلية، ما يزال غالبيتها غير مرخص أو مهيأ.


وكانت وزارة التنمية الاجتماعية، أقرت في أيلول (سبتمبر) الماضي، تعليمات ترخيص الحضانات المنزلية، لكن الإشكالية تكمن في عزوف صاحباتها عن ترخيصها، خوفا من ارتفاع الكلف وتشديد الرقابة عليهن، إذ تشير أرقامها الى أن حضانة منزلية واحدة، تقدمت بطلب ترخيص.


ولجأت الوزارة لإصدار تعليمات الترخيص، استجابة لواقع الحال الذي يؤشر لانتشارها الكبير، ما يدفع لإيجاد تشريعات تحمي الأطفال، خصوصا بعد تسجيل حالات إساءة وإهمال تعرض بعضهم لها في حضانات منزلية وغير المرخصة.


وكانت محكمة جنايات اربد، أصدرت أول من أمس حكما مشددا بحق عشريني، هتك عرض طفل (3 اعوام في حضانة منزلية تديرها والدة الجاني، بالسجن مع الأشغال المؤقتة لـ12 عاما، إذ أن صاحبة الحضانة غادرتها لظرف خاص وبقي الطفل مع الجاني الذي استغل غياب أمه، ليعتدي على الطفل الذي أخبر والده بما تعرض له.


وفي هذا السياق تقول المديرة التنفيذية لمؤسسة القانون من اجل حقوق الانسان “ميزان” المحامية ايفا أبو حلاوة، “أطلعنا الاعلام على قرار الحكم الخاص بالمعتدي في هذه الجريمة المؤسفة، لكن السؤال ما هي الملاحقة القانونية التي تعرضت لها صاحبة الحضانة بتركها للطفل”.


وتنص المادة 286 من قانون العقوبات على أن “كل من ترك قاصرًا لم يكمل الخامسة عشرة من عمره دون سبب مشروع أو معقول، ويؤدي إلى تعريض حياته للخطر، أو على وجه يحتمل أن يسبب ضررًا مستديمًا لصحته، يعاقب بالحبس من ثلاثة أشهر إلى سنة. وتكون العقوبة الحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، إذا كان القاصر لم يكمل الثانية عشرة من عمره”.


وتضيف تبقى هذه الحضانات من أشكال تمكين النساء في المشاريع الصغيرة، لكنها يجب أن تكون مرخصة وخاضعة للرقابة، إذ الأولوية هنا، ضمان بيئة آمنة للطفل.


من جانبها تدعو رئيسة قسم الحضانات في وزارة التنمية الاجتماعية هيفاء الصالح، الأهالي في حال رغبتهم بتسجيل أبنائهم في حضانات منزلية، للتأكد من أنها مرخصة ومسجلة، موضحة أن الوزارة وضعت تعليمات ترخيص لهذه الحضانات، لضمان حماية الأطفال وأصحابها.


وأكدت أن التقدم بطلب الترخيص، يكون عبر موقع الوزارة الإلكتروني، ولا يترتب عليه أي كلفة مالية.


الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة الدكتور محمد مقدادي قال، إن “الحضانات المنزلية خدمة موجودة في دول العالم، لكنها منظمة، وأعتقد بأن ما أصدرته الوزارة بشأن ترخيص هذه الحضانات مؤخرا، خطوة جيدة، خصوصا وأن الدراسات التي اجريت في الاردن، تبين ان عددا كبيرا منها غير مرخصة وغير مهيئة”.


وأضاف أن “هناك أسرا تلجأ لهذه الحضانات كخيار يتماشى مع قدرتهم الاقتصادية، نظرا لارتفاع كلفها، في وقت ما تزال فيه المادة 72 من قانون العمل، بشأن توفير أماكن رعاية لأطفال في مكان العمل غير مفعلة على نحو كاف، اذ يعزف القطاع الخاص عن الالتزام بها، في حين لا يوجد أي نص قانوني يجبر القطاع العام على توفير أماكن رعاية لأطفال العاملات والعاملين”.


ويلتزم صاحب العمل الذي يستخدم عاملين في مكان واحد، ولديهم على الأقل 15 طفلا لا تزيد أعمارهم على 5 سنوات، بتهيئة مكان مناسب تتعهده مربية مؤهلة أو أكثر لرعايتهم، كما يجوز لهم الاشتراك بتهيئة المكان في منطقة جغرافية واحدة، ويصدر الوزير تعليمات تنفيذ أحكام الفقرة (أ) من المادة، تتضمن مواصفات المكان المطلوب تهيئته، والخيارات المطلوب تقديمها في حال عدم إمكانية ذلك، أو في حال كان عدد الأطفال أقل من 15.


وبين انه ينبغي العمل على ايجاد سبل لتشجيع المؤسسات على توفير الحضانات واماكن الرعاية للاطفال، ضمن بيئة مهيئة تخضع للرقابة، أو الزام الحضانات المنزلية بالترخيص.


ولفت مقدادي الى شروط تعليمات الحضانات المنزلية، كعدم استقبال الضيوف خلال فترة وجود الاطفال فيها، وعدم السماح لأفراد الأسرة البالغين بالوجود في غرفها، وتحديد حد أعلى للأطفال المستقبلين.


وأضاف “برغم عدم وجود كلفة مالية للترخيص، لكن هذه الحضانات تعزف عن التسجيل خوفا من الرقابة”، داعيا الى رفع الوعي في التبليغ عن الحضانات غير المرخصة، واشتراط الأهالي على أصحابها بأن تكون مسجلة.


وتابع إنه “مع صدور تعليمات ترخيص هذه الدور، فالمسؤولية تقع على الأهالي لضمان أن تكون مرخصة ومؤهلة لرعاية أطفالهم”.


مديرة مؤسسة صداقة رندا نفاع، قالت إن “الرقابة شيء أساسي، وتعليمات الحضانات المنزلية التي أصدرت مؤخرا، ويجب أن تكون متماشية مع آليات رقابة فعالة ومترافقة مع تمكين للقطاع بشكل عام”، مضيفا إن “رقابة بدون تمكين، لن تتوقف الخروقات ولن ترتقي بمعايير خدمة الأطفال”.


وبينت أن جزءا من التمكين، هو برامج تدريب رفع قدرة ودعم مالي مباشر، ومهننة القطاع ووضع شروط للحماية والالتزام بمعايير الرعاية.


لكن الأمينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة الدكتورة سلمى النمس، دعت لإيجاد حلول شمولية لمسألة الرعاية، لتشمل ليس فقط الأطفال في سن الحضانة، إنما أطفال الأسر العاملة حتى سن الـ12 عاما في أوقات عمل أهاليهم.
وتوضح ان اللجوء للحضانات غير المرخصة، بديل مناسب ماليا لأسر دخلها غير كاف، وللأسف لغاية اليوم فالحضانات المنزلية لا تلجأ للترخيص، لأنها لا تريد الالتزام بجميع الشروط .


وبين أن “هناك حاجة لإيجاد حلول شمولية لمسألة الرعاية، وبرغم أهمية التنظيم لكنه وحده لا يكفي، بل نحتاح للتفتيش”، مشيرة الى أهمية أن تساهم الحكومة تجاه هذه الرعاية، إذ “لا يمكن إبقاء كلف الرعاية ودور الحضانة على عاتق الأسر أو مؤسسات القطاع الخاص، ففي كل دول العالم هناك دعم حكومي على مستوى الإدارات المحلية أو عبر تخفيضات الضرائب، لتخفيف كلفة دور الحضانة والرعاية بعد المدرسة على الأسر العاملة”.


وتقترح النمس، تطبيق فكرة التعاونيات محليا، كوسيلة لتقليل الكلفة، ولضمان توفير هذه الأماكن الخاصة بالرعاية في المناطق القريبة من التجمعات السكنية، بدلا من اضطرار الأسرة للذهاب لأماكن بعيدة.


وختمت النمس بأنه “لن يكون هناك حل شمولي للمشكلة، لكن إذا كان هناك اعتراف من الحكومة بالمسؤولية عن توفير الرعاية والتعليم المبكر للأطفال والرعاية بعد المدرسة، لأن هذا جزء من مسؤولية الدولة، ويقع ضمن برامج الرعاية والحماية الاجتماعية، ويجب وصوله أولا للأسر العاملة غير القادرة على تغطية هذه الكلفة”.