تحليل جذور العنف
10-14-2020
الدكتور محمد فخري مقدادي*
حتى لا نبقى نتكلم ونعمل بأسلوب الفزعة فلابد من تحليل لجذور هذه المشاكل التي اصبحنا نشاهد تكرارا لها في المجتمع ، والتي بدأت في تكوين نظرة سلبية وغاضبة من قبل افراد المجتمع وبالتالي الخطير ان يصبح لدى المجتمع ادراك بعدم شعورهم بالأمان. فنحن لا نتعامل مع حالة وانما نتعامل مع قضية مجتمعية.
على الرغم من اهمية التشريعات الناظمة والرادعة للجرائم بشكل عام ، فانه من المضلل ان نحصر الجرائم المجتمعية سواء بقصور في القوانين أحيانا او في تطبيقها أحيانا اكثر.
فالممارسات العنيفة في المجتمع دائما لها جذور ولا يمكن التغلب او الحد من تلك الجرائم دون محاولة معالجة جذور وأصل المشاكل. تلك المتعلقة:
• بالأفراد كالعوامل النفسية وسوابق التعرض للانتهاك وتعاطي الكحول والمخدرات.
• وعلاقة الشخص بأشخاص اخرين كما نسميهم بأصدقاء السوء.
• كما ان للوسط الاجتماعي المتمثل في بيئة ترتفع فيها معدلات البطالة او الكثافة السكانية او انتشار المخدرات دورا مساعدا في اتباع السلوك الجرمي.
• وأيضا فان انتشار المعايير الاجتماعية في مجتمع يقبل العنف تجاه الاخر او التي تدعم سيادة الذكر على المرأة والطفل وكذلك المعايير الثقافية التي تدعم العنف كطريقة لحل الصراعات او قبول الثأر.
جميعها أرضية خصبة لسلوك العنف تجاه الاخرين وايذائهم.
اذا فان محاولة الحد من السلوكات العنيفة والجرمية لا ترتبط بتشديد القوانين وتطبيقها وان كانت مهمة جدا في الردع العام، والأولى إضافة ان يتم العمل على أساليب الوقاية من الجريمة ، من توفير الخدمات النفسية والتأهيل النفسي والاجتماعي والاقتصادي . وهنا اعتقد ان الاسرة كانت وستبقى المحور والاساس لوقاية المجتمع من اية سلوكات سلبية في المجتمع لاحقا.
لا تتوفر ارقام منشورة حول نسب تكرار الجرائم في المجتمع الأردني والتي قد تجيب عن سؤال مهم الا وهو كم نجحنا في اصلاح وتأهيل الجناة وهذا يرشدنا الى سؤال اخر: كم عدد الموقوفين او المودعين في مراكز الإصلاح والتأهيل ممن قدمت وتقدم لهم الخدمات النفسية الارشادية والتأهيلية والتمكين الاجتماعي والاقتصادي . ومدى توفر خدمات التأهيل النفسي؟ وماذا عن مرتكبي الجنح والمتعلقة بإيذاء الغير او التهديد او التكسير… الخ كيف يتم التعامل معهم لتأهيلهم ومتابعتهم لان العديد من مرتكبي الجرائم عادة يكون لهم سوابق اما جرمية اوجنحوية؟
ان جرائم الايذاء البليغ والاغتصاب وهتك العرض وحسب ارقام إدارة المعلومات الجنائية لعام 2018 تعد ثاني اكبر نسبة في الجرائم المرتكبة في الأردن بعد جريمة السرقة. الامر الذي يدعونا وبكل جدية لمراجعة منظومة حماية الافراد ومن أهمها الوقاية من حدوث تلك الجرائم او برامج للحد من تكرارها. وتشريعيا اعتقد في الجنح المتعلقة بإيذاء الاشخاص بشكل مقصود حسب المادة 52 من قانون العقوبات بحاجة لإعادة النظر، ليس شرطا الاتجاه لتغليظ العقوبة وقسوتها وانما الاتجاه الى فلسفة تأهيل الانحراف من مرتكبي الجنح والجنايات وقاية من تكرارهم لتلك الافعال أو أن يتطور سلوكهم لان يصبحوا مجرمين كما يحصل غالبا وجريمة الزرقاء، وجريمة الزوج الذي فقأ عيني زوجته وجرائم القتل التي حدثت ضد الأطفال وداخل الاسرة عموما مثال على تطور السلوك العنيف عندما تكون الوقاية والتأهيل برامج غائبة.
نعم غالبية المجتمع الأردن لن يشفي غليله اعدام الأشخاص ممن اقدموا على جريمة الطفل 16 عاما في الزرقاء او حتى رجمهم في مكان عام ، والتي بنظر الجميع والقانون في المادة 158 من قانون العقوبات الأردني : يعد تعذيبا وعملا بربريا تستحق عقوبة الإعدام.
· الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة