الأخبار

“شؤون الأسرة” يعكف على إعداد دليل لإعادة تشغيل النوادي الصيفية للأطفال

06-06-2020

كورونا" تدفع الأسر لتبني وسائل تكيف سلبية تضر بالمصلحة الفضلى لأبنائها

يونيو 6, 2020

 

 

عمان- دفعت أزمة وباء كورونا المستجد الأسر الأردنية الى اعتماد وسائل تكيف سلبية غالبا ما يدفع ثمنها اطفال تلك الأسر خصوصا في الضائقة الاقتصادية الى تعيشها غالبية الأسر وغياب المرافق الصديقة للطفولة.
وترك الأطفال دون سن 12 عاما وحيدين في المنزل دون رعاية من قبل بالغين أحد ابرز وسائل التكيف السلبية التي لجأ الأهالي تحديدا من الأسر العاملة لها مضطرين، وليس غياب المدارس والأندية النهارية وحده السبب وراء لجوء الأهالي الى هذه القرارات، فبحسب اسر قابلتهم “الغد” فإنهم غالبا لن يشركوا أبناءهم في هذه النشاطات إن عادت وتم تفعيلها بسبب تآكل الدخل والخوف من فقدان فرص عملهم قريبا ما يعني اختصار النفقات بالحد الأقصى.
تقول ميساء (اسم مستعار) وهي أم عاملة لأربعة أطفال “نتيجة للظروف القاهرة التي تمر بها أسرتي أصبحت مضطرة لترك أبنائي برعاية شقيقتهم الكبرى البالغة من العمر 13 عاما، لم أفكر سابقا قط في هذا الخيار في قرارة نفسي. أعرف أن هذا الامر خاطئ لكن لا يوجد خيارات امامي أثناء ساعات العمل”.
ترعى الابنة الكبرى اشقاءها البالغين من العمر 5 و7 و9 أعوام، خلال تواجد الأم في مكان عملها، تدرك الأم ان ابنتها تتحمل مسؤولية كبيرة لكن الخيارات غير متاحة، خصوصا ان الزوج كان قد غادر قبل أشهر قليلة من إغلاق الحدود في الأردن إلى إحدى دول الخليج للبحث على فرصة عمل هناك، إضافة إلى عدم وجود اي من اقارب العائلة في المنطقة القريبة من سكن العائلة.
وتضيف ميساء “زوجي حاليا عالق في احدى دول الخليج، وانا مسؤولة عن كل ما يخص الاطفال من تأمين احتياجاتهم ومشتريات المنزل”، موضحة “في الفترة الاولى كان هناك تعاون من صاحب العمل بتطبيق العمل المرن. لكن الآن أشعر بالخوف من الاستمرار في العمل من المنزل، أشعر ان هناك حاجة لأن أكون في مكان العمل بشكل مستمر، الظرف صعب جدا ومن الممكن الاستغناء عن العاملين في أي وقت، وانا لست في وضع اقتصادي يسمح بأن أفقد عملي”.
لجأت ميساء الى الاسلوب التدريجي في ترك ابنائها وحيدين في المنزل، بداية كانت تغادر المنزل لمدة نصف ساعة او ساعة واحدة لشراء الاحتياجات حتى تتمكن من قياس مدى قدرة اطفالها على تدبر شؤونهم، كما كانت تحرص على تأمين المنزل وإبعاد أي مصادر قد تشكل خطورة على الأطفال.
وتبين “مع عودتي الى العمل حرصت على شراء هاتف ذكي لأبنائي ابقى على تواصل مستمر معهم على تقنية اتصال الفيديو كما تواصلت مع جارتي لتطمئن عليهم بشكل مستمر”.
ليست ميساء حالة استثنائية، امهات عاملات اخريات اضطررن لاتباع ذات الاسلوب، مع انتهاء العام الدراسي لجأت رنا (اسم مستعار) كذلك الى تشجيع ابنها البالغ من العمر 11 عاما على السهر لساعة متأخرة ليلا حتى تضمن ان يفيق متأخرا صباح اليوم التالي.
تقول “ساعات عملي ليست طويلة، بين وقت استيقاظ ابني وعودتي للمنزل، ساعتان فقط، أحرص على تأمين المنزل بشكل تام، كما ان ابني واعٍ ولديه القدرة على تحمل المسؤولية”.
في سنوات سابقة لجأت ديمة الى تسجيل ابنائها في النوادي الصيفية بعد ذلك كان يتوجه الابناء الى منزل الجد لحين انتهاء عمل والدتهم، تقول ديمة “كان النادي الصيفي مصدر ترفيه للاطفال، كما انه كان يخفف العبء عن والدتي، اليوم لا تستطيع والدتي تحمل مسؤولية رعاية 3 اطفال لمدة ثماني ساعات يوميا، رعاية الاطفال أمر مرهق”.
وما تزال الاندية الصيفية والمراكز الخاصة بالاطفال من النشاطات المعلق عملها في حين سمح فقط باستئناف عمل الحضانات التي توفر الرعاية للاطفال من عمر 70 يوما الى 5 أعوام والتي سمح لها بالعمل ضمن شروط مشددة.
استمرار تعليق الاندية الصيفية ومراكز رعاية الاطفال، يشكل بحسب خبراء، مصدر قلق حول سلامة وحماية اطفال الأسر العاملة في الفئة العمرية 5 الى 12 عاما، إذ إن الدولة لغاية الآن لم توفر أي بدائل للأسر والامهات العاملات لرعاية اطفالهن، في حين يؤكد خبراء عدم جواز ترك أي طفل دون سن 12 عاما وحيدا في المنزل.
المطالبة بإعادة تفعيل الأندية النهارية او ايجاد بدائل لرعاية الاطفال في هذه الفئة العمرية ترافقت كذلك مع مطالبات بتقديم دعم حكومي أو دعم من مخصصات صندوق الامومة في الضمان الاجتماعي لمساعدة الاهالي على تحمل النفقات خصوصا وان نسبة كبيرة من الموظفات فقدن جزءا من دخولهن سواء اقتطاعات بنسب 30 % من الراتب أو الغاء العلاوات.
في هذا السياق، تقول اخصائية الطفولة والارشاد الوالدي سيرسا قورشة “القاعدة العامة تقول إنه لا يجوز ان يتم ترك طفل دون سن 12 عاما وحيدا في المنزل، كما لا يجوز تحميل طفل مسؤولية رعاية طفل أصغر منه سنا”.
وتتابع حتى في الفئة العمرية فوق 12 عاما فإن القدرات تتراوح من طفل الى آخر وهنا يجب التركيز على الخصائص النمائية لكل طفل وطبيعة شخصيتهم فهناك أطفال قادرون على تحمل المسؤولية اكثر من غيرهم.
وفي ظل غياب النوادي واماكن الرعاية للفئة العمرية 5-12 عاما، ترى قورشة ان هناك مجموعة من البدائل التي يمكن السير بها لتوفير الحماية للاطفال دون التأثير على عمل الوالدين وهي في الغالب خدمات من الممكن ان يقدمها اصحاب العمل.
وتزيد “رغم انه من حيث المبدأ لا أشجع على ترك الاطفال وحيدين لكن في الحالات الاضطرارية جدا يجب على الاهل اتخاذ مجموعة من الخطوات لتقليل المخاطر، هذه الخطوات تكون بأن يتم الامر بشكل تدريجي، كأن تترك الأم الطفل لفترة قصيرة اقل من ساعة وبعدها تزيد المدة، إلى ان يتم توعية وتعريف الطفل بأساسيات السلامة العامة والحماية وقياس قدرة الطفل على تقدير الامور”.
كما “يتوجب تأمين المنزل من كل مصادر الخطورة، والتأكد من التنسيق مع احد الاقارب او المعارف ممن مكان تواجده اقرب من الاهل للاتصال والمساعدة في اي وضع طارئ”.
لكن البديل الافضل من وجهة نظر قورشة بما يضمن حماية الطفل هو أن يوفر اصحاب العمل خيارات تضمن الحماية لأبناء العاملات كتطبيق العمل المرن أو العمل من المنزل. وفي الحالات التي يتعذر بها ذلك تقترح قورشة “التناوب بين الامهات العاملات في المؤسسة الواحدة برعاية الاطفال، او ان تقوم المؤسسات بتعيين موظفات (مربيات) لرعاية الاطفال بحيث تكون هؤلاء المربيات لديهن القدرة على القيام بنشاطات جماعية مفيدة للاطفال خلال فترة غياب امهاتهن، كما ان احد ابرز الخيارات الاستمرار في خيار العمل المرن والعمل من المنزل”.
من جانبه يقول الامين العام للمجلس الوطني لشؤون الاسرة الدكتور محمد مقدادي “ما نزال نتمنى على الحكومة الانتباه لموضوع الاطفال، فرغم عودة الحضانات للعمل لكن المشكلة لا تتعلق بالحضانات فقط، اليوم عادت جميع القطاعات للعمل باستثناء نوادي ومراكز رعاية الاطفال والترفيه عنهم ولهذا اثر سلبي كبير على حماية الطفل من جهة، تحديدا اطفال الاسر العاملة ومن جهة اخرى الرفاه والصحة النفسية للاطفال والذين عاشوا لأشهر بحالة من القلق والعزلة الاجتماعية التي اثرت عليهم سلبا”.
وبين مقدادي أن “المجلس يعكف حاليا على إعداد دليل مماثل لدليل الحضانات وهو دليل للاجراءات المتبعة في اعادة فتح النوادي الصيفية ومراكز الاطفال وهو دليل يتم اعداده بالتعاون مع وزارات التنمية الاجتماعية، التربية والتعليم، الصحة والفريق الوطني لتنمية الطفولة.
لكن مقدادي في ذات الوقت يلفت الى الضائقة الاقتصادية التي تعيشها الاسر والتي قد تدفع بها الى العزوف عن تسجيل اطفالهم في المراكز، داعيا في هذا السياق الى فتح المدارس سواء الحكومية او الخاصة لمراكز صيفية مجانية او بأسعار رمزية لتحقيق الحماية لأطفال الاسر العاملة.
وفي حين لم يتناول اي مسح او استطلاع نسبة الاطفال الذين تركوا في المنزل وحيدين خلال جائحة كورونا، فإن آخر الارقام وفق ارقام مسح السكان والصحة الاسرية الصادر عن دائرة الاحصاءات العام 2018 كشف عن “ازدياد سلوكيات سلبية تتعلق بارتفاع نسبة الأهالي الذين يتركون أبناءهم وحدهم”.
وبينت النتائج “أن 16 % من الأطفال دون سن الخامسة يتركون بمفردهم أو تركوا في رعاية طفل آخر لأكثر من ساعة واحدة خلال الأسبوع”، موضحة ان نسبة الأطفال الصغار الذين تم تركهم وحدهم أو في رعاية طفل آخر دون سن العاشرة ارتفع من 9 % العام 2012 إلى 16 % العام 2017.