مختصون وقضاة شرعيون يدعون الإعلام للتعاطي مع أرقام الطلاق بطريقة سليمة
10-21-2018
دعا مختصون وأكاديميون وقضاة شرعيون إلى ضرورة تعاطي الإعلام الأردني مع أرقام وإحصاءات ونسب الطلاق في الأردن، بطريقة لا تثير اللغط حولها، وتحليل هذه الأرقام بطريقة علمية صحيحة بالعودة إلى الباحثين المختصين والجهات المختصة ذات العلاقة، القادرة على تحليل وتفسير هذه الأرقام والنسب بطريقة سليمة. كما دعوا خلال ندوة عقدها المجلس الوطني لشؤون الأسرة اليوم الاربعاء، إلى التعاطي مع هذه الأرقام والإحصاءات الوصفية المتعلقة بالطلاق وتحليلها وقراءتها بشكل دقيق، من قبل باحثين وعلماء متخصصين، في ضوء المتغيرات السكانية والاجتماعية والنفسية في المجتمع، بحيث تؤخذ نتائج هذه التحليلات ويتم الاستفادة منها في تدخلات علاجية ووقائية لهذه الظاهرة، من خلال عقد دورات توعوية للمقبلين على الزواج.
وأرجع مدير المعهد القضائي الشرعي الدكتور منصور الطوالبة، حالة اللغط التي أثارتها بعض التقارير الإعلامية بشأن أرقام ونسب الطلاق في الأردن إلى تعاطي بعض المحللين من غير دائرة قاضي القضاة مع هذه الأرقام بطريقة خاطئة، أو تعاطي بعض الإعلاميين مع هذه المادة الرقمية دون تدقيق بالعنوان والمضمون، مؤكدا دقة الإحصاء المتكامل لعدد حالات الطلاق المسجلة لدى دائرة قاضي القضاة، نظرا لارتباط هذه الأرقام بالوصل المالي بمعنى أن نسبة الخطأ في هذا الإحصاء صفر بالمائة.
وأبدى استعداد الدائرة، لعقد دورة مجانية متخصصة في التحليل الإحصائي المتقدم للإعلاميين والمعنيين بهذا الموضوع، لضمان تحليل مضمون هذه الأرقام والنسب بشكل دقيق، مشيرا إلى أن هدف الدائرة هو تصحيح الخطأ وإزالة الإشكالية المتعلقة بها الموضوع، داعيا بذات الوقت أخذ المعلومة من مصدرها وقراءتها بشكل سليم. ودعا إلى التعامل بشكل موضوعي مع الطلاق، وعدم اصدار حكم بأنه ظاهرة سلبية أو غير ذلك، لأن اللجوء إليه في بعض الحالات هو منع لتفاقم إشكالية مجتمعية أكبر من ذلك.
وعرض الطوالبة، لحالات الطلاق التركمي للزوج والزوجة من عام 2013-2017، التي أظهرت أن أكثر حالات الطلاق للزوج خلال هذه الفترة هي للفئة العمرية من (30-40) عاما، وأكثر حالات الطلاق للزوجة خلال هذه الفترة هي للفئة العمرية من (21-28) عاما.
من جهته، قال رئيس المجلس القضائي الشرعي سماحة الشيخ كمال الصمادي، إنه بتصفح واستقراء السنوات العشر السابقة نجد أن التطورات التشريعية والاجتماعية والمعرفية والتكنولوجية كان لها الأثر الواضح في تغيير أنماط الطلاق، لذا قامت دائرة قاضي القضاة بإعداد وتطبيق جملة من القوانين والتشريعات المحققة لمصالح المجتمع والأفراد بما يلائم هذه التطورات.
وعرض لصور التغيير في أنماط الطلاق تبعا للتطورات التشريعية؛ حيث انخفضت حالات تسجيل الطلاق بالإرادة المنفردة من قبل الزوج لدى المحاكم الشرعية، وكذلك انخفاض عدد دعاوى التفريق للافتداء التي ترفع من قبل الزوجة (الخلع)؛ وذلك يعود إلى التطور الشرعي الذي أتاح للزوجين اللجوء إلى القضاء لغاية التفريق للضرر والشقاق والنزاع.
وزاد أن الثورة التكنولوجية والانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي ضاعف من حالات الطلاق الكتابي عبر الرسائل النصية الإلكترونية والتي تكون في كثير من الأحيان خاوية من قصد الطلاق فعالج المشرع ذلك، بحكم يمنع وقوع الطلاق غير المقصود وغير المستوفي أركانه من خلال نصه أن الطلاق الكتابي لا يقع إلى إذا قصد المطلق إيقاع الطلاق.
وأضاف الصمادي أن القانون عالج نمط الطلاق المتكرر، بمنع وقوعه في فترات زمنية متقاربة، كما منع وقوع "طلاق الغضبان"؛ بمعنى إذا وصل الغضب بالزوج إلى حالة من غلب الغضب أقواله وأفعاله نتيجة الغضب أو غيره بحيث يخرجه عن عادته.
وقامت دائرة قاضي القضاة بإنشاء مكاتب الإصلاح والوساطة والتوفيق الأسري، بهدف ثني الطرفين عن الطلاق والتعرف على أسباب الإشكال ومعالجتها، وفي حالة كان الطلاق هو السبيل تكون وظيفة هذه المكاتب إيصال الطرفين لحلول قضائية رضائية تسجل في هذه المكاتب مكتسبة صفة الحكم القطعي واجب التنفيذ فورا، وفق الصمادي. إلى ذلك، عرض رئيس قسم الإحصاءات الاجتماعية من دائرة الإحصاءات العامة رافع عجاج أبرز مؤشرات الطلاق في الأردن، مشيرا إلى أن عدد عقود الطلاق المسجلة لعام 2017 بلغت 21 ألفا و 210 عقدا على مستوى المملكة، وسُجل أعلى معدل للطلاق الخام في محافظة مأدبا، في حين سُجل أقل معدل للطلاق الخام في محافظة الكرك، ويعكس معدل الطلاق الخام مدى انتشار حالات الطلاق في المجتمع، فكلما زاد كانت ظاهرة الطلاق واسعة الانتشار والعكس صحيح. وكان الأمين العام للمجلس الوطني لشؤون الأسرة بالوكالة محمد المقدادي، أعرب في بداية الندوة عن حرص المجلس على طرح القضايا التي تهم الأسرة الأردنية، تحديدا، والمجتمع بشكل عام، حيث لاحظ المجلس مؤخرا تناول العديد من وسائل الإعلام موضوع الطلاق في الأردن من حيث الإحصاءات والأرقام والنسب المتعلقة فيه، فضلا عن عقد مقارنات لهذه الأرقام مع دول أخرى، وبناء عليه ارتأى المجلس دعوة ذوي الاختصاص والخبراء والباحثين والإعلاميين في هذا الشأن لطرح القضية بأبعادها المختلفة بعيدا عن الاجتهادات الشخصية.
وقدمت مديرة مديرية الدراسات والأبحاث في المجلس مي سلطان، عرضا موجزا لتقارير إعلامية وكيفية تناولها ومعالجتها لموضوع الطلاق في الأردن من حيث النسب والأرقام والمؤشرات والمقارنات مع الدول الأخرى، متسائلة إذا ما كانت هذه المعالجات والمؤشرات والمقارنات سليمة وصفيا وتحليليا وتعكس واقع حال الطلاق في الأردن فعليا.
كما ناقشت الندوة المسببات والأثار النفسية للطلاق على أفراد الأسرة، اضافة إلى الأسباب والآثار الاجتماعية للطلاق، فضلا عن الحديث عن أهم التجارب العالمية للحد من الطلاق بتدخلات الإرشاد الأسري وآليات تطبيقها في الأردن، إلى جانب عرض تجربة دائرة قاضي القضاة من خلال مكتب الإصلاح والتوفيق الأسري في خفض نسب الطلاق.