مختصون يدعون لإعطاء أولوية لبرامج الرعاية الصحية الأولية للطفل والأم
09-29-2020
نسبة تراجع برنامج المطاعيم الوطني
سبتمبر 29, 2020
عمان – دعا مختصون الى اجراء دراسة تتبعية لأثر جائحة فيروس كوورنا المستجد “كوفيد 19″، على الطفولة المبكرة، لافتين الى أنه “رغم أن الاطفال هم الأكثر تعرضا للإصابة بالوباء، لكن المؤشرات الحالية تدلل على ان الاطفال كانوا من الاكثر تأثرا بالتبعات غير المباشرة للوباء والتي طالت الخدمات الصحية، التعليم والجوانب الاجتماعية”.
جاء ذلك خلال ندوة نظمها المجلس الوطني لشؤون الاسرة امس حول “أثر جائحة كورونا على الطفولة المبكرة” تم عقدها عبر تطبيقات الاتصال، إذ أكد المشاركون أن دراسة تتبعية ستساهم في تحديد الاولويات ووضع الاستجابات المناسبة لحماية الطفولة.
وقالت الباحثة في قضايا الصحة الاسرية الدكتور منال التهتموني رغم ان اصابة الأطفال من جميع الأعمار بـ”كوفيد 19″ لا تكون عادة بنفس حدة أعراض البالغين، وقد لا تَظهر على بعضهم أي أعراض على الإطلاق، “لكن الآثار غير المباشرة للوباء في جميع أنحاء العالم قد تكون كارثية على الأطفال، مع زيادة كبيرة في الوفيات والمعاناة”.
وبينت أن “كثيرا من وفيات الاطفال عالميا قد يتم ارجاعها للاستجابة للوباء، اذ وإن لم تكن تلك الوفيات ناجمة عن الوباء نفسه لكنها مرتبطة بالاستجابة والاثر على صعوبة الوصول للخدمات الصحية”، لافتة الى أن إمدادات اللقاحات على مستوى العالم “تتعرض للخطر بالفعل بسبب الاستجابة للوباء وقيود النقل، مع تأثير كبير في البلدان منخفضة الدخل”.
وأوضحت التهتموني أن إغلاق جميع المراكز الصحية الأولية والشاملة لأكثر من 50 يوما الى جانب تعطل كافة برامج الخدمات الوقائية والعلاجية الأساسية، وحصر المراجعات الطبية في الطوارئ في المستشفيات ومن خلال الدفاع المدني ادى الى ازدحام في الطوارئ والتأخر في الحصول على الخدمة ذات النوعية.
ونجم عن هذا الإغلاق، كما تقول التهتموني “توقف برنامج التطعيم الوطني لأكثر من 40 يوما والتوقف عن التزويد بوسائل تنظيم الأسرة وبرنامج رعاية الحوامل والنفاس ومتابعة مرضى الأمراض المزمنة، إضافة الى توقف برامج التوعية الصحية إلا ما يتعلق بكورونا”.
وأضافت، ان الاردن يعد من اكثر البلدان في العالم لجهة التغطية في برنامج المطاعيم الوطني وبنسبة تغطية 86 %، لكن “هذه النسبة انخفضت العام الحالي الى 75 % أي بانخفاض مقداره 11 % وهي نسبة كبيرة”، لافتة الى تراجع أعداد المستفيدين من المطعوم السداسي خلال الفترة من آذار (مارس) ولغاية أيار (مايو) الماضيين.
ومن جانب آخر، فإن إغلاق بعض المستشفيات أو جزء منها، وإصابة الكوادر الصحية “ادى الى طول فترة الانتظار للحصول على الخدمات الصحية والتأخر في طلب الخدمات الصحية وحدوث مضاعفات ونقص الكوادر والمستلزمات اللازمة لعلاج الحالات المرضية المختلفة”.
وتطرقت التهتموني الى نتائج التقييم السريع الذي قامت به منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) حول اثر الجائحة على الفئات الاكثر ضعفا وهشاشة في الاردن، ومنها أن “أطفال 17 % من الأسر ممن هم دون سن الخامسة لم يتلقوا التطعيم الأساسي، كما أفاد 20 % من الأسر أنها شهدت زيادة في أسعار الأدوية الأساسية، في حين أكدت 39 % من الأسر عدم قدرتها على شراء مستلزمات التعقيم والنظافة الشخصية باستمرار”.
وأوصت التهتموني بضرورة الدفع باحتياجات الأطفال لتصبح أكثر وضوحًا، وإعطاء الأولوية لبرامج الرعاية الصحية الأولية والمتضمنة برامج صحة الطفل والأم، وضمان استمراريتها.
كما دعت الى تعزيز آليات التواصل المجتمعي لتعزيز برامج التوعية والتثقيف الصحي المتعلقة بالوقاية والاستجابة لجائحة كورونا والأمراض ذات العلاقة وكذلك الحال بخصوص آليات تقديم الخدمات المجتمعية من خلال العيادات المتنقلة وخدمة الخط الساخن والمشورة والخدمات عن بعد.
من جهتها، قدمت استاذة علم النفس التربوي في الجامعة الهاشمية الدكتورة سعاد غيث ورقة حول اثر العزلة الاجتماعية نتيجة وباء كورونا على الطفولة المبكرة، مشيرة الى دراسة اعدتها منظمة الصحة العالمية اظهرت أن “77 % من الأطفال وجدوا صعوبة في التركيز، فيما أصيب 39 % منهم بالقلق والاضطراب، كما أن 38 % منهم يعانون من العصبية، و 31 % يعانون من مشاعر الوحدة”.
وبينت ان تفشي كورونا ادى إلى تغيير الركائز التي بُنيت عليها المجتمعات الحديثة ومنها “انقطاع الأطفال عن المدرسة ورياض الأطفال، وتوقف الكثير من النشاطات الاجتماعية ومظاهر اللعب في الأماكن العامة والحدائق”.
وأوضحت أنّ الآثار المترتبة على عدم ذهاب الأطفال إلى رياض الأطفال والمدرسة أثناء الأزمة “تتجاوز مجرد الملل أو فقدان التواصل الاجتماعي، إذ قد يعاني أي طفل من آثار سلبية وخيمة على قدراته الإدراكية والمعرفية وعلى مشاعره”.
ونبهت غيث الى الاشكالية التي تنجم عن العزلة الاجتماعية والتي قد “تقود إلى التصاق الأطفال بالأجهزة والشاشات الالكترونية متصلين بالانترنت، وهو الامر الذي يزيد من مخاطر تعرضهم للاستغلال، واطلاعهم على مواضيع ومشاهد قد لا تتلاءم مع أعمارهم، او قد لا يستطيعون ادراكها بشكل مناسب”.
وحول سبل الحد من آثار العزلة الاجتماعية على الأطفال، بينت غيث ان هذا “يقع على عاتق الأسرة بشكل مباشر من خلال الانتباه المبكر إلى أي تغيرات قد تطرأ على سلوكيات الطفل والجلوس مع الأطفال وتقديم شرح مبسط لهم حول الظروف الاجتماعية المصاحبة لفيروس كورونا، والاجابة على استفساراتهم والاصغاء لمشاعرهم”.
ويتوجب على الوالدين، بحسب غيث، تصميم برامج محددة لممارسة النشاطات الجماعية مع أطفالهم، وطمأنة الطفل أن “من الطبيعي أن يشعر بعدم الارتياح أو القلق في هذا الوقت، أو الحنين لأصدقائه، او الشعور بالملل، أو أن تكون لديه مشاعر مختلطة من الخوف والقلق والغضب، وأن البالغين أنفسهم لديهم نفس الإحساس وسوف يشعر بهذا على كل حال، وشرح كيف يمكنه التخفيف من الشعور بالقلق من خلال تحدثه مع والديه حول هذا الأمر”.